الأربعاء، 13 فبراير 2013

الإشتباك الديني المدني

نقاش مع مراقبين عرب للشأن المحلي، سمعت آراء متعددة ومتناقضة، لكن ما لفت نظري هو الرأي القائل بعدم وجود انقسام شعبي حاد في الكويت، وهذا رأي مخالف للواقع.
فخلال الأعوام الثلاثة الماضية فقط، وصل الاحتقان الشعبي إلى مستويات مرتفعة بين مؤيدي الموالاة والمعارضة، حتى بات الكثير منا يحجم عن التصريح بآرائه السياسية.وعلى عكس ما يروَّج له في الإعلام، فإن ضحايا الرأي السياسي غالباً هم المعارضة ومؤيدوها وليس العكس.
وخلال الأعوام الثلاثة الماضية، كنت أستطيع - غالبا - أن أتوقع بسهولة الآراء السياسية لأحدهم، بمجرد معرفة موقع سكنه أو انتمائه الاجتماعي. حقيقة مؤسفة، لكنها كانت واقعا عشناه محلياً، ويبدو أن المراقبين العرب للشأن المحلي غير قادرين على إدراكه.
أسباب الاحتقان عديدة، ولن أخوض فيها بالتفصيل، فقط أقول إن أحدها كان دفع السلطة وأبواقها بهذا الاتجاه، لإفشال الحراك الشعبي، ووأده في المهد، لكنهم فشلوا، لأسباب تحتاج إلى مساحة منفصلة لشرحها. أما هذه المساحة، فهي للحديث عن ماهية الاشتباك، هل هو اشتباك قبلي -حضري، أم مدني - ديني؟ أم هو اشتباك اقتصادي؟
قد يقفز كثير منا للجواب الأسهل، بكون الاشتباك قبلي - حضري ، لكنها إجابة غير دقيقة، فالمشهد المحلي أكثر تعقيدا.
في الكويت، هناك تداخل بين ما هو ديني وما هو قبلي، ولا يعني هذا عدم وجود الديني عند الحاضرة، لكنها الصورة العامة، بالإضافة إلى أن القبلي غير المؤدلج يميل للديني، بسبب طبيعته الأكثر محافظة في العصر الحديث، وكذلك هناك تداخل بين ما هو مدني وما هو حضري، ولا ينفي هذا وجود المدني في القبائل، لكنها الصورة العامة كذلك، فالحاضرة في العصر الحديث باتت أقل محافظة من القبائل وأكثر انفتاحاً.
وفي ظل هذا التداخل، يصبح الفرز والتصنيف أصعب، ويحصل الاشتباك على مستويات عدة في الحالة الواحدة، فلا يستطيع المراقب من بعيد تفكيك المشهد ورده لعناصره الأولية.
إن الاشتباك بين المدني والديني في جميع دول الربيع العربي حالياً يمثل جرس إنذار، بأن المرحلة المقبلة محلياً ستكون صراعاً من هذا النوع، ولعله حاصل اليوم في الكويت، لكنه مغطى بطبقات من الصراع الاجتماعي والاقتصادي.
وقياساً على الرأي القائل بأن الصراع الديني - المدني يعيق التقدم الديمقراطي في دول الربيع العربي، فإننا نستطيع القول بأن الاشتباك القبلي - الحضري في الكويت يعيق الحراك الشعبي والتقدم نحو ديمقراطية أكثر رسوخا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما رأيك في التدوينة؟