عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وبدء الولايات المتحدة الأميركية حربها على ما سمته «الإرهاب»، تم قتل والقبض على عديد من مقاتلي تنظيم القاعدة في أفغانستان، أحد هؤلاء كان مواطناً أميركياً طالعتنا الصحف والقنوات الفضائية صوره وقد كان الأميركي الوحيد - آنذاك - المنخرط في التنظيم، وفي قتال وطنه الأصلي.
الملفت في قصته، أنه تلقى معاملة مختلفة عن بقية من أُلقي القبض عليهم، فلم يسحب أحد جنسيته، بل تم السعي لإعادة تأهيله، وأظنه مر مروراً عابراً بمعتقل غوانتانامو سيئ الصيت.
تذكرت قصة هذا المقاتل الأميركي، وأنا أتتبع قصة المواطن سليمان بوغيث، الذي جرّد من جنسيته ظلماً، والذي تخلت الدولة عن مسئولياتها تجاهه، ولعلهم وهم يجردونه من جنسيته أرادوا هذا بالضبط، ولم أستطع منع نفسي من المقارنة.. ففي أميركا، الدولة حديثة العهد، والتي لم يتجاوز عمرها المائتي عام، تمثل المُواطنه قيمة عليا، وأحد الأسس التي بنيت عليها الدولة، أما نحن، فأمة عظيمة عريقة، لكنها مشتتة في دويلات حديثة تأسست وبنيت على قيم مختلفة، فهناك المواطنة، وهنا المساكنة، هناك الحقوق، وهنا العقوق، هناك الوطن، وهنا ملك خاص أو ما يشبهه.
لعله من السذاجة أن نتوقع أن تقوم الدولة بمسؤولياتها تجاه بوغيث، الذي أسقطت جنسيته، وهي التي أخفقت تجاه من لايزالون يحملون جنسيتها، ولايزالون قابعين في غوانتاناموا، رغم عدم ثبوت أي تهمة عليهم باعتراف الأميركيين، وأعني هنا فايز الكندري وفوزي العودة اللذين يتعرضان لصنوف من التعذيب في أحضان الحلفاء الأميركان، وهما اللذان أشار أحد وزرائنا السابقين على الأميركيين بقتلهما، كما جاء في أحد وثائق ويكيليكس المسربة.
رغم هذا، فإننا لن نكلّ في الدفاع عما نعتقد بأنه أحد أهم الأسس التي تبنى عليها الدول وتكتسب شرعيتها من خلالها، فأياً يكن ما فعله، وما لم يفعله بوغيث، فإن حقه بالمواطنة لا يسقط، ولا يملك أحد أن يسحب جنسية مواطن ما، فالمُواطنة حق مكتسب وليست منحة.. وبالتالي، فإن حقوق المواطنة توجب على الدولة أن تقوم بحمايته والدفاع عنه، وإن كان ارتكب ما يُتهم به، فواجب الدولة أن تجلبه لتحاكمه في محاكمها، لا أن تتركه طريداً، ثم ترفض تسلمه عندما حانت لها الفرصة في عام 2003، وبالتحديد عندما كان بوغيث في إيران، وعرضت الأخيرة تسليمه للكويت، واليوم وبعد إختطافه تعلن الدولة تخليها عنه، كنتيجه لإسقاطها جنسيته، وهو ما لا تملكه في الأساس.. فمن يقدر على نزع الوطن من أي منا؟
الصورة لـ سليمان بوغيث من الشبكة.
رابط المقال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ما رأيك في التدوينة؟