| كتب المحرر الثقافي |
أقامت رابطة الأدباء، في سياق احتفالها بالأعياد الوطنية... أمسية فنية أدبية، حملت عنوان «رؤى ملونة» وشارك فيها الأدباء عبدالناصر الأسلمي، ومجدي عبدالستار وحميدي حمود ونورا بوغيث، وفجر الخليفة، بينما تضمنت الأمسية عرضاً ضوئياً للوحات الفنانين سعود الفرج وعبدالحميد الخليفي، وعبدالعزيز آرتي، وصورا فوتوغرافية للكاتب المصور الزميل محمد سالم وعزفاً على العود للفنان بدر بوغيث، وقدم الأمسية الأديب فهد الرويشد.
وألقى الأدباء - بالتناوب، قصائد شعرية وقصصا قصيرة و«قصيرة جداً»، وذلك ارتكازاً على فكرة الوطن الذي تدور في فلكه الرؤى والطموحات. فألقى عبدالناصر الأسلمي بعضاً من لوحاته الشعرية القصيرة، مثل «الصبي»، و«النوارس» و«الفتاة الصغيرة» و«الغواص»، وكلها تبرز الكويت في سياق أدبي جذاب ليقول في لوحة «النوارس»: تدرين كيف ابتهاجي يوم حلق بي غرامك العذب والإحساس يعرفه كأنني عارف ترقى مشاعره إلى السماء وعين الوجد تذرفه يطير بي كحمام البيت عن كثب أوشكت ألمسه أوشكت أقطفه بينما قرأ الكاتب مجدي عبدالستار رؤاه الأدبية، حول الكثير من التداعيات الحسية، مثل «لوحة الخليفي»، و«النورس»، و«اللون الوردي»، و«الغواص»، و«زوجة الشهيد»، و«علم الكويت»، تلك الرؤى التي اتسمت بالتكثيف والإيحاء، ليقول في رؤيته لـ «الغوص»: «جلس أمامي، نظر لماء الخليج جيداً، تراءت في عينيه دمعة، حمل حبة النرد وقذفها بعنف، انتظر نهاية لدور لم يأت... هز رأسه، وقف واضعاً يده في جيبه، توجه ناحية السيارة. كان الصمت يغطي قسماته وعلامات الحزن تكسوه، نظر للشمس مستديراً للأبراج الشاهقة بامتداد الخليج، أسرع أكثر، وقف بجوار الشاطئ... ساد الصمت بيننا، كنت أتأمله، لم أكن أعلم ما فيه، لكنني شعرت به، خطا على حبات الرمال، وقف أمام الخليج، استنشق هواءه فاتحاً ذراعيه حاضناً ذكريات الماضي، ظننت أنه يتذكر حباً مات هنا، التفت لي ثم حمل حفنة ماء في يديه وشوشها ورماها... عدنا للسيارة مرة أخرى، رجع بكرسيه للخلف وفتح المذياع، لم أكن أعرف ما يحدث، عندما هممت بالسؤال، قاطعني ناظراً في عيني قائلاً: هل سيسمعني؟ رفعت رأسي مندهشاً وغاضباً في آن واحد سائلاً بصوت مرتفع من تقصد؟ قال لي: «أبي غاص هنا، واستُشهد هنا... من أجل أن أنعم بكل هذا الخير».
بينما قرأ الكاتب حميدي حمود ومضاته القصصية السريعة تلك التي تحمل - رغم قصر جملها - العديد من الرؤى. المتواصلة مع الوطن في كل أحواله ليقول: «كنا صغاراً... كانت الحياة بسيطة لم نعد كذلك... لم تعد كذلك من يعيدنا فنعيدها وقال في نص «كتلك النوارس»: افرد جناحيك... حلق... حلق... حلق عالياً لا تخشى شيئاً... أنت في سماء الكويت
وجاءت نصوص الكاتبة نورا بوغيث مكثفة، وذات أبعاد أدبية عميقة لتقرأ «الكرسي» و«رقصة النوارس»، و«الغوص»، لتقول في «رقصة النوارس: اعتادوا على صوتها الشجي تتردد تلك الصغيرة كل صباح صديقها البحر، غناؤها كلماتها ترقص عليها النوارس» شوهد جسدها طافياً مع غياب شمسها، قدمت لها النوارس رقصتها الأخيرة وفي نص آخر تقول: «أتنفس كلمات الهواء، أغرد مع طير الألحان، أرقص على أغنيات شادي الخليج، أتلذذ بالحرية، أستنشق الأمان، أسجل تاريخ الفرحة اليوم 26 فبراير 1991، نعم انه يوم الحرية».
وبدت التجربة الأدبية في نصوص الكاتبة فجر الخليفة متوهجة بالحيوية والتكثيف الإيحائي، وبالكثير من المفردات الرشيقة لتقول في نص «برزخ» المستوحى من لوحة الفنان سعود الفرج: تحته غرق... فوقه سماء وإذ هو معلق يتناصفه الغرق والسماء، فكر كم امتص من روحه هذا البرزخ فتحته غرق... فوقه سماء فكر أنه يحتاج خلاصا... أواه كم أضناه هذا الانتصاف ثم فكر أن الخلاص لن يكون إلا بالتخلي... ابتداء «كيف أتخلى عن ما ألفت... لما أجهل» قال في نفسه بدت الفكرة مخيفة وغير محمودة العواقب.
رابط الجريدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ما رأيك في التدوينة؟