الأحد، 3 فبراير 2013

حديثي لجريدة الطليعة


فجر الخليفة: نعيش زمن «اللا ديمقراطية».. والانتخابات لا تكفي

الأربعاء, 23 يناير 2013

حوار نادية أحمد:

عملية الكر والفر لا تزال مستمرة بين السلطة من جهة، والحراك الشعبي ونواب المعارضة السابقين من جهة أخرى، والسلطة ماضية في السير عكس عجلة التاريخ، مراهنة على نجاحها بنشر الذعر والترهيب بين المواطنين، وبفرض أمر واقع، من خلال مجلس مزور جديد، سيكون واجهتها التي ستمرر من خلاله قوانين معادية للديمقراطية ومتناقضة معها. فالديمقراطية لا وجود لها حالياً على أرض الواقع، والانتخابات وحدها لا تكفي لوصف نظامنا بالديمقراطي، فقد أحدثت انشطاراً مجتمعياً، وتخوينا لكل من اعترض، بفضل حملات السلطة والمحسوبين عليها، كما احدثت انشطارات داخل الأسرة الواحدة، نتيجة لعقود طويلة من تزييف وعي المواطنين بماهية الوطن والمواطن . بهذه الكلمات والآراء الجريئة الصارخة، بدأت الكاتبة والناشطة السياسية والاجتماعية فجر الخليفة حديثها مع «الطليعة»، موضحة أن السلطة ضيَّعت كل الفرص السانحة للتراجع وإطفاء النيران التي اشعلتها، ولم يبق الان سوى المحكمة الدستورية، كمخرج للسلطة، وليس للحراك، مؤكدة أن كل إنجاز تحقق خلال العامين الماضيين كان بفضل الشباب، وبوجودهم كطرف مستقل عن النواب والسياسيين بالدرجة الاولى، وبتغييرهم قواعد اللعبة، عندما فرضوا وجودهم.

ورأت الخليفة أن خسارة معركة الديمقراطية في الكويت تعني تراجعا في كامل الإقليم الخليجي، وترسيخا للحكم الشمولي السائد في الاقليم، موضحة أن ما نمر به اليوم مخاض عسير لا بد منه لتطوير العملية السياسية المعلولة، وليس مجرد مرسوم هنا، وحكم محكمة هناك.

● كيف تنظرين إلى الواقع السياسي والأمني الكويتي بعد الأحداث الأخيرة؟

- على أرض الواقع، مازال الكر والفر مستمرين بين السلطة من جهة، والحراك الشعبي ونواب المعارضة السابقين من جهة أخرى. فبعد اقصاء رئيس الوزراء السابق وانتشاء السياسيين بكسب تلك المعركة، لملمت السلطة نفسها، واستعدت لجولة جديدة، بدأتها بخطأ إجرائي، ثم مماطلات وتسويف، فانتهينا إلى مجلس مزور جديد، يضم بين أعضائه شعوبيين وسيئي السمعة ومتهمين بقضايا فساد مالي، بعدها بدأت عملية قتل الحراك الشعبي، باستهداف الناشطين بقضايا كيدية، وصدرت أحكام مخيفة كانت بحد ذاتها رسالة للحراك وللمجتمع ككل. السلطة ماضية في السير عكس عجلة التاريخ، مراهنة على نجاحها بنشر الذعر والترهيب بين المواطنين، وبفرض أمر واقع، من خلال مجلس مزور جديد، سيكون واجهتها التي ستمرر من خلالها قوانين معادية للديمقراطية ومتناقضة معها. وفي المقابل، هناك حراك شعبي بذهنية مختلفة عن تلك التي اعتادت السلطة التعامل معها طوال العقود الماضية، مصمما على ممارسة حقه، بالاعتراض على انتهاك حقوقه ودستوره، فالواقع حالياً هو ترقب لخطأ يرتكبه طرف، ليستفيد منه الآخر، وترقب كذلك للظرف الإقليمي والعربي، الذي طالما كان له كبير الأثر في الحسم.

هامش من الحرية

● هل الديمقراطية في الكويت في خطر؟

- الحقيقة، إن الواقع تجاوز هذا السؤال، فالديمقراطية لا وجود لها حالياً. وبرأيي الشخصي، لم يكن لها وجود يوماً ما في الكويت، فالانتخابات وحدها لا تكفي لوصف نظامنا بالديمقراطي. فمن ناحية، هناك انتخابات وهامش من حرية التعبير يتمدد أحياناً، وينكمش في أخرى. ومن ناحية أخرى، لا وجود للأحزاب، وهناك تعيين لثلث أعضاء مجلس الأمة، ولا تداول للسلطة، ولا حرية للمعلومات.. وبالتالي، فنظامنا السياسي ليس ديمقراطياً وليس شمولياً أيضاً. لم نفرض نحن الأول ولم ينجحوا بفرض الثاني.. وفي هذه المساحة تكمن معركتنا غير المحسومة بعد.

انشطار اجتماعي

● أزمة مرسوم الضرورة والانتخابات ونتائجها، كيف انعكست على أرض الواقع؟ وما السبيل لحلها؟

- أحدثت الازمة انشطاراً مجتمعياً، وتخوينا لكل من اعترض، بفضل حملات السلطة والمحسوبين عليها. وأحدثت ايضا انشطارات داخل الأسرة الواحدة، بسبب وكنتيجة لعقود من تزييف وعي المواطنين بماهية الوطن والمواطن. فقد ضيَّعت السلطة كل الفرص السانحة للتراجع وإطفاء النيران التي اشعلتها، ولم يبقَ الان سوى المحكمة الدستورية، كمخرج للسلطة، وليس للحراك. فالقضية سياسية بالدرجة الاولى، وليست قانونية.. ولو كانت قانونية، لحسمت منذ البداية، لعدم دستورية ما سُمي مرسوم للضرورة. لكن لأنها سياسية وتخضع لتوازن القوى، فقد حسمت مؤقتاً لمن تميل الكفة لمصلحته حالياً. الحراك ماضٍ في ممارسة حقوقه الدستورية التي تحرج السلطة. وبالنسبة لنا، القضية ترسيخ للممارسات الديمقراطية على الأرض، بتفعيلها وممارستها.

الحراك الشبابي

● .هل الشباب الكويتي لديه القدرة على إحداث تغيير على أرض الواقع؟ وماذا ينقصه؟ الشباب الكويتي، كنظرائه العرب الذين يعزى لهم وحدهم الفضل في موجة التغيير التي اجتاحت الوطن العربي، كل إنجاز تحقق كان بفضل رجال ونساء انحازوا في لحظة تاريخية لإنسانيتهم ولحقوقهم المسلوبة، لا لحزب ولا لتيار في كل الوطن العربي، وهذا ما حصل ويحصل في الكويت. فكل إنجاز تحقق خلال العامين الماضيين كان بفضل الشباب وبوجودهم، كطرف مستقل عن النواب والسياسيين بالدرجة الاولى، وبتغييرهم قواعد اللعبة، عندما فرضوا وجودهم. الشباب فعلاً غيَّروا الواقع، وغيَّروا كثيراً، بل قلبوا موازين اللعبة، وهم مستمرون في التأثير والتغيير.

خسارة معركة

● هناك من يرى ويصف حال البلد بالبائس، هل ترين انفراجاً في الافق؟

- نعم، هناك انفراج بالتأكيد. اليأس في هذه المرحلة خيانة، ورفاهية زائدة لا نملكها. علينا أن ندرك أن الكويت وشبابها هم طليعة الشباب الذي يقود التغيير، ويسعى للديمقراطية في إقليم الخليج العربي. إننا إذ نخرج ونتظاهر ونعبّر عن آرائنا، فإننا لا ندافع عن مكتسباتنا فقط، بل ندافع عن حقوق كامل مواطني إقليم الخليج العربي، الذين يتطلعون إلينا، ولنجاحنا الذي هو نجاح لهم في النهاية. إن خسارة معركة الديمقراطية في الكويت تعني تراجعا في كامل الإقليم، وترسيخا للحكم الشمولي السائد في الاقليم.

مرحلة اللاحسم

● الصراع الدائر حالياً بين المعارضة والحكومة والمجلس.. لمن ستكون الغلبة؟ وما الأخطاء التي وقعت فيها المعارضة؟ ومن يتحمَّل مسؤولية دفع الأمور باتجاه التفاقم الحكومة أم المعارضة؟

- نحن في مرحلة من اللاحسم.. فلم يحسم أحد الطرفين السلطة والحراك الشعبي المعركة لصالحه بعد، فقد حقق الطرفان انتصارات جزئية، لكن لم يكن أي منها كافياً للحسم لصالح أحدهم، والغلبة ستكون للشعب، كما علمتنا الشواهد التاريخية. ومن أخطاء المعارضة عدم استغلالها لتخبُّط السلطة، بل هي التي تتبرع بأخطاء تستغلها السلطة، فترخيص المسيرات مثلاً كان خطأ، وخلق سابقة عقدت الوضع، فلا يوجد قانون يلزم بترخيص المسيرات، وأدرك أن من رخص هو نائب سابق، لكن كان يجب الاعتراض على تصرفه، لا تبنيه أو الصمت عنه، كذلك أخطأ نواب سابقون برفع وخفض سقف الخطاب، كردة فعل وكورقة لتهديد السلطة، وليس قناعة نابعة من برنامج شامل، بل ردود فعل. عموماً، لم أعول يوماً على أي سياسي أو نائب سابق بقدر إيماني بالناشطين الشباب وقدرتهم على تغيير قواعد اللعبة. من يحتكر السلطة والقوة والإعلام والموارد، هو من يتحمَّل مسؤولية أي شيء يحصل، وهو الطرف الذي صعّد وانتهك وانقلب على الدستور. نحن كحراك في موقع الدفاع حالياً.

جذور الأزمة

● هل تعتقدين بأن أزمة الكويت أعمق بكثير من مجرَّد تعديل دستوري؟

- إن جذور الازمة في الكويت، هي نظامها السياسي غير محدد المسار، فلا هو برلماني ولا رئاسي ولا هو ديمقراطي ولا شمولي. هذا النظام السياسي المعلول استنفد كل إمكانياته، وصار بحاجة للتطوير باتجاه نظام برلماني ديمقراطي حقيقي، والسلطة - كأي سلطة أخرى - تقاوم وتسعى للحفاظ على امتيازاتها. وأي معارك أخرى كمراسيم الضرورة أو الاحكام القضائية أو الخطاب العنصري ضد السكان الأصليين لشبه الحزيرة العربية، هي مجرَّد هوامش ومعارك جانبية تسعى السلطة لجرنا اليها. كذلك، لا ننسى الجذور الاجتماعية لما يحصل، فهناك فئات مهمَّشة ومظلومة تسعى اليوم لانتزاع حقوقها، وهذه الفئة بالذات هي وقود هذا الحراك وقاعدته، بحكم تفوقها العددي. ما نمر به اليوم مخاض عسير لا بد منه، لتطوير العملية السياسية المعلولة، وليس مجرد مرسوم هنا، وحكم محكمة هناك. لم نعد نريد الدوران في العجلة المفرغة ذاتها، التي تنتهي بنا للنتائج ذاتها، مراراً وتكراراً.

مرحلة جديدة

● هل تعتقدين بأن النظام السياسي في الكويت قادم على مرحلة جديدة؟ وكيف تنظرين إلى المستقبل ؟

- بدأت فعلاً إرهاصات مرحلة جديدة، فقد حصلت تغييرات كثيرة في العملية السياسية، وتم خلق سوابق جديدة فعلاً، كإسقاط رئيس وزراء لأول مرة، وانتزاع حق الاعتصام والتظاهر، وتحويل ساحات الكويت لما يشبه هايدبارك للحوار والنقاش، وتحول المواطنون إلى طرف وقوة مؤثرة في العملية السياسية، التي كانت حصراً للسياسي والسلطوي، من خلال تفعيل الرأي العام.. والتغييرات ستستمر، حتى نرسخ الحكم الديمقراطي فعلاً، لا قولاً، لأنها ببساطة سُنة كونية، فدوام الحال من المحال. والمستقبل مشرق وأفضل بكثير مما يتصوَّر البعض، فنقاشاتي ومعرفتي بالناشطين الشباب أولاً تجعلني أقول بكل اطمئنان إن المستقبل أفضل، وهو لصالحنا بالتأكيد. فكما نجحنا بانتزاع بعض الحقوق في الماضي القريب، سننتزع البقية في المستقبل. وبالنسبة لما يتردد من أقاويل عن تكرار نموذج البحرين، فبرأيي هذا غير وارد بتاتاً، بسبب طبيعة علاقة الكويت الندية ببقية دول مجلس التعاون، وتجاربنا التاريخية معهم. أما الخيار الأمني، الذي تسير السلطة فيه حالياً، فمكلف جدا، وغير قابل للاستمرار، والسلطة تدرك هذا.. لذلك، هي تبحث عن مساومة أو مخرج، وهذا ما يحصل حالياً، فهي تتفاوض مع بعض الاطراف للخروج من ورطتها الأمنية. أخيراً، وفي ظل موجة التغيير الحالية، فإني أرى أن الكويت وحكامها الاكثر استقراراً، بفضل الدستور أولاً وأخيراً.

رابط اللقاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما رأيك في التدوينة؟