الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

المقاطعة واجب وطني


بمراجعة التاريخ الكويتي الحديث، نجد أن العامل الخارجي طالما كان مؤثراً في حدوث التغيير (تهديدات عبدالكريم قاسم ورسالة الحكومة البريطانية لعبدالله السالم على العمل لقيام نظام دستوري في الكويت مثالاً*).
ونحن هنا لا نبخس الحراك المحلي آنذاك جهوده، ولا ننفيها، ولكننا نقول إن النجاح كان بفضل توافر عدة عوامل، منها ما هو محلي، ومنها ما هو خارجي.. لذلك، لا يمكن أخذ الانتخابات المقررة بعد 48 ساعة، بمعزل عن سياقها الإقليمي، المتمثل بزمن البوعزيزي وقيمه الجديدة المتمثلة بالحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان، كما لا يمكن تجاهل الأحداث السابقة لهذه الانتخابات من حراك محلي بلغ ذروته بإزاحة رئيس الوزراء السابق، وانتخاب مجلس جديد، لتباغتنا السلطة بعدها بتعطيل المجلس، ثم حله، بحكم المحكمة الدستورية.. وأخيراً، وبعد طول مماطلة إصدار مرسوم ضرورة، بتعديل النطام الانتخابي، في غياب مجلس الأمة، ورغم انتفاء الضرورة وفقاً لرأي عدة خبراء دستوريين.
إن الظرف الإقليمي الحالي يمثل فرصة تاريخية لن تعوض لتحقيق المزيد من المكتسبات الديمقراطية لشعبنا.. لذلك، فلا مجال للتراجع أمام سلطة يبدو أنها اختارت المواجهة، وأنها تعول على قدرتها على تخويف الناس بالاعتقالات وبرمي تهم «الانقلاب» على كل من يطالب بالإصلاح.. لذلك، سيكون خيارنا هو الصمود ومقاطعة هذه الانتخابات، وعدم المشاركة في مشهد هزلي لم يعد مضحكاً لأحد بعد اليوم.
إن المشاركة في هذه الانتخابات تكريس لنهج الحكم الفردي، وقبول بانتهاك المادتين 71 و79 من الدستور، وما سيترتب على ذلك من تغيير للممارسة السياسية.إن المشاركة بهذه الانتخابات إعادة إنتاج للصراعات القديمة ذاتها، ولكن بشخوص جديدة ومختلفة، وستنتهي بنا لحائط الصد ذاته، المتمثل في رفض السلطة للديمقراطية.. فهذا هو جوهر الصراع في الكويت، وليس التفاصيل التي تحاول السلطة وأبواقها إشغال الناس بها. 
إن المشاركة في هذه الانتخابات دفاع عن كل ما ارتكبته السلطة من انتهاكات وتعسف واعتقالات.إن المشاركة في هذه الانتخابات دفاع عن الوضع القائم الذي أوصلنا لهذه النتيجة، دفاع عن عملية سياسية مَعيبة يميل فيها الميزان لمصلحة السلطة التي تعيِّن ثلث أعضاء البرلمان، وتمنع إشهار الأحزاب.. لذلك، نقاطع الانتخابات، وندعوكم جميعاً لمقاطعتها.أدرك أن هناك من سيرمينا بالخيانة، لاتخاذنا هذا الخيار، لكني أقول إن المقاطعة في هذه المرحلة واجب وطني، وأدرك كذلك أن قرار المقاطعة ليس قراراً بسيطاً يتخذ باستخفاف، وخصوصاً بالنسبة لي كامرأة حرمت من هذا الحق لسنوات، وحصلت عليه أخيراً، ولكن تعسف السلطة وانتهاكاتها المستمرة لدستور احتفت به منذ أسابيع سهّلا القرار وجعلا منه الخيار الوحيد بالنسبة لي ولكثيرين في هذه المرحلة، فالمقاطعة أداة عصيان مدني فاعلة سبق لها النجاح في الكويت، وباستعمالها، فإننا نعبِّر عن رفضنا للعبث بالنظام الانتخابي والتفرُّد بالسلطة، وعلى اعتبار أن السلطة تحد السلطة، فإن المقاطعة هنا تمثل سلطة شعبية ستحد من السلطة الفعلية، ومن خلالها (أي المقاطعة) سيُسحب الغطاء الشعبي عن المجلس القادم، ويسقط سياسياً، كما حصل في مجالس سابقة، فاضطرت السلطة لحلها.
ولعل المراقب لاستنفار السلطة لكل أدواتها لإفشال المقاطعة، من خلال رسائل على الهواتف النقالة وإعلانات متلفزة وضغوط على شخصيات وسياسيين وأساتذة جامعات، يدل على قلق كبير من نجاح المقاطعة وإقرار بقدرتها على نزع الشرعية «الشعبية» عن المجلس القادم .اصمد يا شعبنا، اصمد واثبت.. وقاطع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما رأيك في التدوينة؟